منتدي شمس الوحدة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


sun101.yoo7.com
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد سرايا
مشرف
مشرف
احمد سرايا


عدد الرسائل : 478
تاريخ التسجيل : 08/02/2008

صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة Empty
مُساهمةموضوع: صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة   صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة Emptyالإثنين يوليو 14, 2008 2:37 am

بسم الله الرحمن الرحيم



بسم الله الرحمن الرحيم


{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ }


صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة



هل شعرت يوماً بأن شخصاً آخر يسكن داخلك ؟! يشاطرك أحاسيسك و آلامك و أفراحك التي لا يعرفها أحد ؟ لا ريب إن وجد هذا ( المارد ) المقتحم لقمقم داخلك فهو سيكون إما صديقاً ، أو أخاً ، أو حبيباً ، أو سمه ما شئت ، و لكنه أبداً لن يكون غير حسن ...

إنه ( حسن ) الذي لم أعرف يوماً أن أربط حبل القرابة بيننا بالسلالة التي يحددها علم الأنساب ، لكني أكتفي بأن ( حسن ) صديقي ، وهو كذلك ...

عندما أخذت همتي ونفسي المسير لطريق التفاني من أجل ديني _ سأرتضي فعلاً لضلوعـي أن تجـف ، و أشد حجراً على بطني سنين ، ولا ضير أن ألتحف السماء في قرٍ الشتاء وأن أتحمل الخنجر وهو يتجول في أعضائي و يغوص في لحمي ، لكني حتماً و أبداً لن أرتضي أن أموت رخيصاً تافهاً _ التحقت بركب الأطهار الذين باعوا الله جماجمهم و رووا بدمائهم أرضهم ، تعرفت على بعض رفاق المسجد ، حيث نتعلم الإسلام الحقيقي ، و نتشارك في الأحاديث السياسية فالعسكرية ، لكني لم أكن أتوقع يوماً أن مثل هذه الأحاديث ستعيد لي ماضٍ عهدته في بداية الانتفاضة حيث تعرفت على أحد أروع الشباب المسلم ، الذي دفعه صدق انتمائه وهو في ريعان شبابه أن يفجر نفسه مستقلاً دراجة هوائية في حثالة من أعداء الله ، لم أفهم وقتها كيف يمكن لشاب أمامه عمر ومستقبل يُخضع نفسه لذلك ، لن أتوسع لأني وجدت صعوبة بالتهرب من هذا السؤال ! ، لتدور الأيام لتوصلني لهذه المرحلة الذي أنا فيها الآن من الفهم والوعي لهذا الهدف السامي ، الذي لا شك بأن – الشهادة – مقامٌ سنيّ ومنزلة رفيعة في ثقافتنا الإسلامية الأصيلة ، حتى أنه تمناها صاحب العصمة النبي محمد صلى الله عليه ، وسلم وقد غفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه .. لا .. بل يمكن عدها هدفاً نهائياً لمسيرة الإنسان في الحياة الدنيا ، ولطالما ذكر الشهداء إلى جانب الأنبياء الذين بلغوا القمة في الكمال الإنساني .

و كان للشهداء بحسب امتداد شهرتهم بين الناس شعاع يضيء بنور الإباء و الحياة . فمنهم من امتد شعاعه إلى أسرته و العشيرة . و منهم من تجاوز ذلك إلى الحي القريب أو المدينة الكبيرة ، هذا و إن كانت دماؤهم في المحصلة امتزجت و شكلت ذلك السيل الواحد النافث في الأمة الحياة .

و لعل أهم ما في شهادة ( حسن ) أنه أعاد إليّ أذهان وقلوب الكثيرين معنى العظمة و البطولة الواقعية ، وثبّت في النفوس أن الأبطال العظماء لم ينقرضوا .

أبدو .. مشتت الأفكار في حركات قلمي التي تجول جنبات الورقة ، لعل السبب يعود لأنها المرة الأولى الذي استخدام هذا الأسلوب من الكتابة ، لكني بصدق لا أدري من أين أبدأ ، هل من لحظة قدومي الباكر للقاء ( حسن ) في تاريخ استشهاده ، أم من اللحظة الذي لم ننم ليلتها أم لحظة الظهور الرهيبة ، الذي رأيت فيها شاب لم أصدق نفسي وأنا أتهيأ لملاقاة ذاك الشاب الطموح الذي لطالما تردد اسمه حولي ، لكنها لحظة التعرف عن قرب الذي لولاها لما جرى قلمي على هذه الأسطر ليبذل حبره وفاءاً ولو لبعض ما قدمه وأفناه لدينه و وطنه .

الابتسامة الروحانية زينت محيّاه وهو يستقبلني ماداً يده للسلام ، ونظراتي كلها استغراب لسؤاله المباشر
( كيف حال أخويا و حبيبي ) لعل غيري لم يكن شعوره مثل شعوري لكنها المصداقية البحتة النابعة من طهر قلبه ، جلسنا أمام شاشة جهاز الحاسوب الشخصي في مكتبه الخاص ، لنبدأ سوياً نعيش ساعات ملئها التلاؤم والتجاوب ، من أكثر ما لفت انتباهي مقولته التي ما زلت أذكرها و كأنه نطق بها الآن (( لتعش حياتك في خدمة الدين بإتقان ، لتجد بعد مماتك ذكراك الطيبة والراحة الأبدية )) ، حقاً إنها مصداقية السلوك تنسجم مع ما جاءت به العقيدة الجادة التي وجدتها من أحرفه والإخلاص الحقيقي و السعي للرقي و التميز في إطار خدمة هذا الدين العظيم .. انتهينا ، فاتخذ كلٍ منا طريقاً مختلف بعد أن تواعدنا على السير في النهج والدرب ذاته ، لكن ما زلنا نستلهم شيئاً يجذبنا لعدم الافتراق ، لكنه هذا الحال ما لا نستطيع أن نغيره لأنه القدر المحتم ، فكل واحد منا سيفارق أخيه ولو بعد حين ، تكررت اللقاءات في أكثر من ميدان لتزداد وتتوطد العلاقة أكثر فأكثر ، والذي لم أعهد منذ ولادتي مثلها .
أذكر في شهر مارس الذي مر عليا كالغمامة السوداء المظلمة ، لتغيرني رأساً على عقب ، أو كدهر يأبى الانتهاء ، فمع أنه مرت أشهر عديدة على فراقنا الظاهري لا الجوهري ، بقىّ ظله في حياتي ..في منتصف هذا الشهر كنت ماراً بجوار ميدان الشهداء القريب من مكان معانقة الطهر لقدسية الأرض ، كان الصوت هادئ والوجه يعلوه نور الطاعة ، كان القمر مختفياً ، أمشي بصمت متحاملاً شجاعة الأسود الذي تشربتها من شيخي المستشهد من بضع سنين و أنا أقرأ اسمه على خارطة السماء وصوته الندي يتردد في رأسي (( إن كان دين محمد لن يستقم إلا بدمي فيا سيوف خذيني )) ، ولساني يردد أحدى أناشيده التي عشقتها من تكراره لها على مسمعي بصوته الكرواني منذ طفولتي (( سيدي متى الظهور ، عمَّ الظلم أنت النور ، دمانا تغلي تفور . . . )) ، .. فجأة وعلى غفلة من أمري أيقظني رنين جهازي المحمول إذ بها رسالة قصيرة فتحتها ولا أدري سبب تلهفي واستعجالي في مثل هذا الوقت ، قرأتها و أخذت بتكرارها لعلي أصدق ما يدور حولي من هواجس و ذكريات الماضي والحاضر ، إذ بها اخترقت كل تصوراتي و توقعاتي (( نبارك زفاف أخينا حسن للحور العين )) لعل هذه الجملة من أصعب ما قرأت في حياتي ، جعلتني أستحقر كل الكون وأعتزله لعلي أجد في خلوتي راحة مع تهجدي ليكون لقاءنا عما قريب ، قلت : أبهذه السرعة يتركني نصفي الآخر و يغادر ؟! هل هي الحقيقة أم الخيال ، هجرني في الطريق الذي تواعدنا عليه إلى ضريح الطهر الأبدي ، نعم ,, ولما لا ، إنها الشهادة يا ( حسن ) الذي لا تنبغي إلا لأمثالنا الذي نعرف أن بداية المسير من الله و إلى الله لأنك بدأت حياتك لله ، فقد جعل الله حياتك صورة حققت أعظم التضحيات ، لكني أصارع نفسي وأنا أسرد بعض من كثير يا ( حسن ) لأن الفراق صعبٌ تصوره ، شعرت حينها بصاعقة غشيتني جعلتني لا أتمالك نفسي لأجهش بالبكاء لآتيك من كل أماكن الوجع ومن بين الشهداء ، لأسرع للحظات وداعك الأولى مع يقيني التام بأننا سنلتقي ، كم يصعب عليا النظر إلى جثمانك الممدد في لحظاته الملائكية أقف بصمت وقُدر أن أنظر إليك يا حبيبي و أنت تثخنك الجراح و أنا مكتوف اليدين ما بيّ من حيلة .. إلى عينيك المقفلتين عن متاعب الحياة الدنيا وحقارتها ، إلى قسمات وجهك الندي - ثواني معدودة ودقائق امتحان ، اجتزتها ففتحت لك الجنان .. لحظات فكت قيود الحياة عنك فانطلقت شهيدا حراً بروحك إلى عالم الغيب لترى من النعيم ما هو فوق البيان .. لحظات يضحك إليها الملك الديان .. لحظات تضمها ضمة العاشق الولهان .. لا وصب ولا نصب ، إنها لحظات إيمان .. أولى لحظاتك وأنت الشهيد وآخر لحظاتك وأنت الإنسان .

في مثل يومك يا حسن ، لنا أن نكتب القصائد والراثيات في حقك ولك أن تكبر و تكبر و تكبر . لنا أن نقرأ الفاتحة عن روحك ولك أن تقرأ على الأحياء سيرة العظماء .. يأتون بصمت وينجزون بصمت ويموتون في ضجيج المواجهة .. بصمت .
في مثل يومك يا حسن ، لي أن أقص حكاياتك على كل أحرار العالم .
في مثل يومك يا حسن ، تحية إكبار وإعزاز إليك يا مسجد القسام إلى مجاهديك وشهدائك يا منبع القواد و الأسود ، تحية لك يا أرض المشروع يا أرض العز والشرف والوفاء لأبنائها ، تحية لك باستقبال ( حسن ) في طهرك ، اصبري عاملة فأجرك كبير كبير ، وتهيئي وهيئي مجاهديكِ لإكمال المسيرة مهما كانت الظروف وأرجو منك أن تقبليني بجوار ( حسن ) ، كي أنضم إلى لائحة شهدائك .. .

سلامٌ من صميم قلبي لك سيدي ، يعاهدك أن أبقى الوفي المخلص لك ما أحياني خالقي ، بلغ سلامي كل من عرفت ولم أعرف من الشهداء الأحياء منهم والراحلين ، وقل لهم بأن صاحب الجسد النحيل المتعب المحمرة عيناه بالبكاء على فراقكم المتهجد ، الداعي بأن يكون لقاءكم به عما قريب - الساجد المهدي - مشتاق لروعتكم الحسينية وأنتم تقدمون حياتكم وما ملكتم لنصرة المظلوم على الظالم في ملحمة تاريخية و ثورة أبدية ، اشتقت لانتصاراتكم ، كم أحبكم وأنا أزوركم في المقابر لعلي أجد بعض ما حرمتموني إياه من حبكم لي بفراقكم المفاجأ لي ،لأنكم كنتم وستبقون أنتم وحدكم ( سادتي الشهداء ) ..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفحة طهْرٍ .. من سجل ذاكرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي شمس الوحدة :: الشهداء واصحاب السيرات العطرة :: منتدي السيرة الذاتية-
انتقل الى: